9سبتمبر

مشروع تانجو، ومخططات جوجل لغزو العالم

هذا المقال من أرشيف ماكتبته في موقع ون هاز، بتاريخ 4 مارس، 2014

في حين انشغال الناس والشركات بما حدث في مؤتمر الجوالات العالمي MWC في برشلونة، كانت لدى جوجل خطط مختلفة تمامًا. فأعلنت عن مشروع تقني مستقبلي جديد منها هو مشروع تانجو. دعنا نتخيل قليلًا بأنك تريد الذهاب لشراء بعض قطع الأثاث لبيتك الجديد، ولكنك تريد أن تتخيل: كيف سيكون ترتيب هذه القطع قبل شرائها؟ تصوير غرفتك ومحاولة التصّور عبر أحد برامج معالجة الصور كفوتوشوب وما شابه ليست خيارًا سهلًا لا للمستخدم البسيط ولا حتى أولائك الذين يملكون خلفية كافية في معالجة الصور. إذًا لِمَ لا نقوم بصنع عالمٍ افتراضي من بيتك وتجربة ترتيب الأثاث على هاتفك بطريقة أكثر واقعية؟ هذه إحدى الأفكار من مشروع تانجو. مشروع جديد وغريب من نوعه على مستخدمي الهواتف الذكية تحديدًا والذين قد لا يستوعبوا مغزاه في البداية، ولكن جوجل تعدهم بأنّه المستقبل.

تانجو هو مشروع بدأته جوجل مع عدد كبير من مراكز الأبحاث والجامعات والمصنّعين لحصد السنوات العشر الماضية من البحوث في مجال الروبوت والآليات وتحويلها إلى هاتف ذكي بقدرات خارقة للعادة، ونعني بالعادة هنا بقية الهواتف التي نراها اليوم والتي قد نراها في أيدينا خلال الفترة القادمة. هذا الهاتف يحمل عتاد مصمم خصّيصًا لمتابعة حركة الجهاز بشكل ثلاثي الأبعاد وبدقة متناهية وحساسات خاصة بقياس المسافات تستطيع أن تقوم بربع مليون عملية حسابية ثلاثية الأبعاد في الثانية بالإضافة إلى تحديث المكان ووضعية الجهاز. والنتيجة عند دمج هذا الكم الهائل من المعلومات هو استطاعتك أن تشكّل نماذج افتراضية للبيئة المحيطة بك ومن ثمّ التعامل معها بطرقٍ شتى لك ولمطوري التطبيقات أن تتخيلوها.

التقنية هي بلا شك تقنية مستقبلية وتحتاج للمزيد من العمل حتى تصدر بسعر مناسب وبشكل يمكّن للمستخدم البسيط أن يستفيد منه. وهي مقاربة في عدة نواحي من تقنيات مشابهة لدى مايكروسوفت في مستشعر كينكت، ولكن القصة تختلف كثيرًا هنا. فبالرغم من أنّ الكينكت يحصل على بيانات وتحركات لاعبي إكس بوكس مما أثار حفيظة أولائك المتعصبين للخصوصية – ولا أختلف معهم أبدًا في ذلك – إلا أنّ ما ستصل إليه جوجل هو مرحلة مختلفة تمامًا من الحصول على بيانات المستخدمين. فبخدمةٍ كهذه ستتمكّن جوجل من معرفة أدق التفاصيل حول البيئة التي تعيش فيها. لنفكّر في الأمر قليلًا: جوجل سترى بيتك وتفصيله من الداخل رأي العين! ماذا لو سقطت هذه الكمية الهائلة من المعلومات بالأيدي الخاطئة؟ لك أن تتخيل العواقب.

جوجل هي بالتأكيد شركة مبدعة، وهذا ما نتوقعه من شركة تحفز موظفيها أن يستثمروا خُمس أوقاتهم في الابتكار. وتوجّهها المستقبلي لمجالات الذكاء الاصطناعي والروبوت يوحي لنا بأنّ المستقبل التقني للبشرية رائع ومبهر ولكنه مخيف خلف أستار الخصوصية التي تتدهور يومًا بعد يوم بسبب الاستحواذ وقرارات الحكومات وغيرها من المسبّبات. الحديث في هذا السياق عن موضوع الاستحواذ يحمل في طيّاته عدد من الاستفهامات حول استراتيجيات جوجل وما تنوي عمله مستقبلًا.

وبغض النظر عن مشروع تانجو، وسيارة جوجل بدون سائق التي لم نسمع عن جديدها منذ زمن، إلا أنّ جوجل قد استحوذت مؤخرًا على أكثر من 8 شركات مختلفة في مجال الروبوت والذكاء الاصطناعي. هل تنوي جوجل أن تغزو البشر قريبًا برجال آليين؟ ربّما. المساهمة في استكشاف الكواكب وبناء المكوكات والمركبات الفضائية؟ “علمي علمك” كما نقولها بالعامّية. فبالنظر إلى ملفات هذه الشركات التي استحوذت عليها جوجل وبالتدقيق في مشاريعها لن تستطيع أن تستنبط ما قد تعمل عليه عملاقة التقنية بهذا الكم الهائل من الأبحاث والمصانع والشركات. الحل إذًا؟ نختفي؟ أم ننتظر سويًا؟ مشروع تانجو لن يدخل بيتي قريبًا، وشيٌ ما في خاطري يقول لي بأنه حتى لو وجد هذا المشروع طريقه إلى غرفتي فلن يجد على طاولتي أكثر من كوب قهوةٍ ملّ الانتظار.

شارك التدوينة !

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

كُتِبَتْ بِحُب ♥